تعتبر الفضاءات الاجتماعية من أبرز ما يميز الطابع الحضري ويمكن القول أنها السجل الاجتماعي الذي تبرز فيه مختلف سمات النظام الاجتماعي، وفي نفس الوقت تساهم تلك الفضاءات بدور فعال في تفاعل أفرادها وخلق علاقات وتضامن بينهم من خلال مختلف الوظائف التي تقوم بها. إذ يعد الفضاء العمومي ظاهرة اجتماعية كلية تضم مختلف العناصر، والعلاقات، البيئة، وضعية الكائنات وحريتهم، ممارساتهم اليومية وعاداتهم وغيرها.
إن الفضاءات العمومية شرط من الشروط الأساسية التي تسمح بالتفاعل الاجتماعي وذلك في حدود معينة تقتضيها الوضعية المناطة بذلك الفضاء. وإن البحث في دلالات الفضاء باعتباره هندسة تبلور مختلف تمثلات وتصورات الأفراد، كما يتحدد إنتاج الممارسات على الوضع الذي يحتله الفاعل في الفضاء الاجتماعي وأيضا على المجال الذي تتم فيه هذه الممارسات، دون نسيان الوضعية القانونية والاقتصادية للفضاء؛ إذ أن هذه الفضاءات تعد مجالا هاما لملاحظة النماذج السلوكية التفاعلية للأفراد. إذن الفضاء هو إنتاج جماعي وجزء من الحياة الاجتماعية.
يعرف الفضاء العمومي على العموم على أنه الحيز أو المكان أو المجال المفتوح للجميع من أجل استعماله والاستفادة منه -سواء كان ماديا أو رمزيا- فيتخذون الأفراد ضمنه سلوكات معينة حسب الوضعية التي يتواجدون فيها، فيتفاعلون ويتبادلون المواقف والآراء والانشغالات.... في نقاشات علنية حول مسائل وموضوعات قد تخص الشأن العام.
وتتعدد الفضاءات العمومية وتتنوع وظائف كل منها، كما تختلف تمثلات الأفراد وممارساتهم داخلها حسب خصوصية كل منها.